الأمة التي كانت أولى كلماتها [ إقرأ ] ثم انقلبت فأصبحت لا تقرأ !
لا يخفى على أي أحد – أيا كان – أهمية القراءة التي تعتبر أساس العلم الذي يبني الحضارات ، وأيضا لا يخفى على أحد منكم أن أول ما نزل من كتاب الله هو [ إقرأ ] في سورة العلق ، وذاك هو دليل الدين الحنيف على أهمية القراءة وإعمال العقل ..
[ إقرأ ] تلك القاعدة التي بتطبيقها قامت حضارات ، بينما سقطت حضارات و دفنت من دونها !
إننا اليوم في زمن انقلبت فيه الموازين ، فانعكست الحضارة لصالح الغرب ، بينما أصبحت "أمة إقرأ لا تقرأ" ! وبما أننا نعيش هذا الواقع فلابد من مواجهته ، ووضع حد لمشكلة تفشي الأمية والجهل في أمة كانت من أعز الأمم التي عرفها التاريخ .
وحل هذه المشكلة يبدأ أولاً بإدراك وضعنا والاعتراف به ثم البدأ بالإجراءات الواجبة للمشكلة وذلك بتكاتف جميع الأفراد في المجتمع والمؤسسات ، ولن يحدث هذا إلا بتقدير العلم وأهمية القراءة فيه.
″ أهمية القراءة ″≈
القراءة تصل الإنسان بالمصادر التي سيأخذ منها علمه وثقافته ، وتزيد من قدرته على التفكير والنقد ، فتنمي فكره وعواطفه ، وتثري خبراته ، وتعينه على التعامل مع مشكلات الحياة المختلفة ، بما تمده من أفكار وحقائق وآراء ، كما تساعده في تنمية شخصيته ، وميوله ، واتجاهاته ، وتعمل على تأسيس مفاهيمه المختلفة ، فعن طريق القراءة يستطيع أن يفسر ، ويقارن ، وينقد ، ويحلل ، ويستنتج ؛ ليصل إلى ما يقتنع به ؛ ليصير فيما بعد جزءا من حياته وكيانه. وعن طريق القراءة يستطيع الفرد أن يمتلك المهارة التي أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة ، إذ بدونها لا يمكن مواكبة التطور العلمي والفني والتقني ، ولا يستطيع الفرد التكيف مع المتغيرات الجديدة ، وترقية مستواه الاجتماعي والاقتصادي ، وبذلك فإن القراءة من أهم المهارات التي تساعد الفرد على أن يحيا حيلة كريمة متطورة .
″ العرب والقراءة ″≈
أن عزوف الناس عن القراءة، بات أمراً يؤرق قطاعات عديدة في جميع أرجاء العالم، وهو معطى له ارتباط وثيق بتطورات التقنية وثورة المعلومات وتعدد وسائط المعرفة، حيث بات بإمكان الفرد أن يشبع نهمه من المعرفة بوسائط بديلة، وتقنيات جديدة ومرنة، لعل أهمها وسيط الصورة. غير أن الغرب، يبلور كالعادة حالة متوازنة، بحيث تبقى ممارسة القراءة حاضرة في إنتاج وتلقي المعرفة، وتبرز كثقافة عامة تعطي لممارسة القراءة اعتبارها وقيمتها ليست المعرفية فحسب، بل أيضاً الجمالية والاجتماعية والروحية والترفيهية والتجارية، كل ذلك نتيجة التضافر بين المؤسسات المعنية، الذي يفضي إلى جدوى الاستثمار في صناعة الكتاب، وتنامي حجم سوقه، وبالتالي إبقاء جذوة القراءة متقدة.
وأحاول جاهدا أن ألجم لساني عن التعليق والاندهاش عندما أرى حال العرب في القراءة وسأترك الأرقام وحدها تتحدث وتئن وتشي بما يجري في كواليس الواقع المرير.
1) معدل ما يخصصه المواطن العربي للقراءة هو عشر دقائق سنويا, في حين أن الإنسان الغربي يخصص لها سنويا ستا وثلاثين ساعة ..
2) كل 20 مواطنا عربيا يقرأ كتابا واحدا بينما يقرأ كل مواطن بريطاني 7 كتب وكل يهودي إسرائيلي 7 كتب وكل مواطن أمريكي 11 كتابا ..
3)أكثر من 40% من الراشدين العرب (70 مليون نسمة) هم أميون, في حين أن السويد احتفلت عام (2008) بموت آخر أمي فيها!
4) 400 ـ10كتاب هو حجم الكتب المخصصة سنويا للطفل العربي, مقابل 13260 كتاب للطفل الأمريكي, و5838 كتابا للطفل البريطاني, و2118 كتابا للطفل الفرنسي, و1485 كتابا للطفل الروسي ..
5) إحصائيات عام 1996 أشارت إلى أن كل ما تطبعه الدول العربية والبالغ عدد سكانها 260 مليون نسمة لا يصل إلى نصف ما تنشره دولة إسرائيل التي لا يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة !
ولهذا السبب ، يتطلب علينا أن نتحرك لنهزم هذا الجهل ولنمحو الأمية ..
لابد لنا من وقفة صادقة مع أنفسنا .. ولنبدأ بالعمل الجاد مع ذواتنا أولاً .. ثم أبنائنا وأسرنا ثانياً ، لابد أن تتحرك الحكومات والجهات المسؤولة في هذا الموضوع ، وذلك بتغير المنهج الدراسية الرتيبة والهشة ، وفتح المكتبات العامة والتشجيع على الطباعة والنشر والقراءة .
فلنعد للقراءة- والمجد بعدها - بعد هجران طويل ، وعلينا أن نعمل جاهدين أفرادا وآباء ومعلمين ومثقفين ووطنيين على دحض ما قاله وزير الخارجية الإسرائيلي السابق موشي ديان بأننا "أمة لا تقرأ, وإن قرأت لا تفهم, وإن فهمت لا تفعل".
وحل هذه المشكلة يبدأ أولاً بإدراك وضعنا والاعتراف به ثم البدأ بالإجراءات الواجبة للمشكلة وذلك بتكاتف جميع الأفراد في المجتمع والمؤسسات ، ولن يحدث هذا إلا بتقدير العلم وأهمية القراءة فيه ..
ولنتكاتف سوياً ،
لنرقى بأمة إقرأ ، ولنكسر قاعدة [ أمة إقرأ لا تقرأ ]