الحمد لله الذي هدانا للإسلام والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إن تعظيم الله عز وجل من أجلِّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب التي يتعين ترسيخها وتزكية النفوس بها يقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ )...
أخي المسلم.. ظاهرة شنيعة ومنكر عظيم شب عليه الصغير وهرم عليه الكبير حتى أصبحت في بلادنا حالة عادية لاتهتز لها أفئدة ولا يلقى لها بال ولا تدق لها نواقيس خطر, أتدري ما هذه الظاهرة ؟ أتدري ما هذا المنكر العظيم ؟ إنه سب الله وسب الدين جهارا نهارا.....والعياذ بالله!
فيأيها المسلم كن على حذر من هذا المنكر العظيم فإن الذين يسبون الذات الإلهية قد حكم الله عليهم باللعن والطرد من رحمته الواسعة، قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [الأحزاب: 57، 58] ويقول سبحانه وتعالى (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) [التوبة: 65، 66]
وتأمل ـ يا عبد الله ـ كيف شنّ الله تعالى حربًا على من ينسب الولد إليه في كتابه فقال سبحانه: ( تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) [مريم: 90، 91]. ولا شك أن سب الله صراحة أسوأ من نسبة الولد إليه سبحانه،( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) [الزمر: 67]
أخي المسلم ، إن علماء الأمة من المذاهب الأربعة من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم قد نصوا على كفر السّابّ للدين أو للنبيّ الكريمأو لربّ العالمين، بل وحكوا على ذلك إجماعات أهل العلم، وأن من فعل ذلك يعتبر مرتدًّا ويخرج من ربقة الإسلام.
" قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( من سب الله أو سب أحد من الأنبياء فاقتلوه ) وقال ابن عباس رضي الله عنه ( أيما مسلم سب الله أو سب أحدا من الأنبياء فقد كذّب برسول الله صلى الله عليه و سلم و هي ردة يستتاب فإن رجع
وإلا قتل) وقال ابن راهويه وهو أحد الأئمة الأعلام: ( قد أجمع المسلمون أن من سب الله أو سب رسول الله أنه.. كافر بذلك وإن كان مقراً بما أنزل الله )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (إن من سبّ الله تعالى أو سب رسوله كفر كفرًا ظاهرًا وباطنًا، سواءً كان السابّ يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده) ، و قال القاضي أبو يعلى في المعتمد :
( من سب الله أو سب رسوله فإنه يكفر سواء استحل سبه أو لم يستحله)
وقال الإمام احمد رحمه الله ( كل من ذكر شيئا يعرض بذكر الرب تبارك و تعالى فعليه القتل مسلما كان أو كافرا و هذا مذهب أهل المدينة ) " (الصارم المسلول)
وقال ابن قدامة: ( من سب الله تعالى كَفَر، سواء كان مازحاً أو جادا). (المغنى )
قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب:
أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين أو تنقصه، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه، أو استهزأ به؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى نور على الدرب:
من سب دين الإسلام فهو كافر سواءٌ كان جاداً أو مازحاً حتى وإن كان يزعم أنه مؤمن فليس بمؤمن وكيف يكون مؤمناً بالله عز وجل وبكتابه وبدينه وبرسوله وهو يسب الدين كيف يكون مؤمناً وهو يسب ديناً قال الله فيه (ورضيت لكم الإسلام ديناً) وقال الله تعالى فيه (ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقال الله فيه (إن الدين عند الله الإسلام) كيف يكون مؤمناً من سب هذا الدين ولو كان مازحاً إذا كان قد قصد الكلام فإن من سب دين الإسلام جاداً أو مازحاً فإنه كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة عليه أن يتوب إلى الله عز وجل وسب الدين مازحاً أشد من سبه جاداً وأعظم ذلك لأن من سب شيئاً جاداً وكان هذا السب واقعاً على هذا الشيء فإنه قد لا يكون عند الناس مثل الذي سبه مازحاً مستهزئاً وإن كان فيه هذا الشيء والدين الإسلامي والحمد لله دينٌ كامل كما قال الله عزوجل( اليوم أكملت لكم دينكم ) وهو أعظم منةٍ منّ الله بها على عباده كما قال (وأتممت عليكم نعمتي) فإذا سبه أحد ولو مازحاً فإنه يكفر فعليه أن يتوب إلى الله ويقلع عما صنع وأن يعظم دين الله عز وجل في قلبه حتى يدين الله به وينقاد لله بالعمل بما جاء في هذا الدين. اهـ
فأحفظ ـ أيها المسلم ـ دينك أن لا يذهب عليك بكلمات يستزلّك بها الشيطان ويرديك بها في حفرة من النار ، فإن الموت مصير كل حي، ولا يعلم الإنسان متى يحلّ، ومن نزل به لم ينفعه إلا عمله بعد توفيق الله عز وجل ..
جعلني الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الملفات المرفقه