يعتبر التلوث البيئي في هذه الأيام مشكلة العصر؛ ومن أخطر أنواع التلوث تلوث الهواء, والذي من أهم مصادره الدخان الناتج من احتراق المواد.
يعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون المكون الأساسي للدخان وهو غاز خانق؛ خصوصاً إذا زاد تركيزه عن 5000 جزء من المليون - وهو الحد الأعلى الآمن في منطقة العمل - أما التركيزات العالية فتهيج العينين وتسبب صداعًا ودوارًا وضيق نفس وضعفًا في العضلات وطنينًا في الأذنين.
العلاقة بين درجة حرارة الهواء والضرر الناتج عن الدخان:
والضرر الناتج عن الدخان أشد في المناطق الباردة منه في المناطق الحارة, وذلك لأنه في المناطق الحارة يكون المجاور منه لسطح الأرض أكثر حرارة من الموجود في الطبقات العليا, ولذا يرتفع الهواء الساخن ومعه الدخان إلى طبقات الجو العليا فيقل ضرره على الناس. والعكس يحدث في المناطق الباردة, فالهواء البارد لا يرتفع فيخيم الدخان على المدن وبالتالي يزداد الضرر الناتج عنه.
الأضرار البيئية لغاز ثاني أكسيد الكربون:
ومعلوم أن الأضرار الناتجة عن الدخان لا تقتصر على صحة الإنسان فحسب بل تتعداها إلى الأضرار البيئية الأخرى, فغاز ثاني أكسيد الكربون يتراكم في الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض؛ حيث يعمل على حفظ حرارة الأرض, وذلك لأنه يعكس جزءًا منها ويمنعها من التسرب إلى الفضاء الخارجي, وكلما ازدادت كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في هذه الطبقة ازدادت حرارة الأرض.
ومن الملاحظ أن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون بدأت تأخذ في الازدياد منذ القرن المنصرم, نتيجة للنمو الصناعي المتزايد , فمداخن المصانع وعوادم السيارات ووسائل المواصلات الأخرى تطرح كمية لا يستهان بها من هذا الغاز, والخطر الكامن في هذا هو تزايد ارتفاع درجة حرارة الأرض وما قد تسببه من كوارث بيئية, فمن المتوقع كنتيجة لهذا أن يزداد ذوبان الثلج في القطبين, وبالتالي ترتفع نسبة المياه في الأنهار والبحار وما يتبع ذلك من فيضانات قد تغرق بعض المناطق الساحلية. أضف إلى هذا ما يترتب على ذلك من تغير في هذا المناخ بصفة عامة ككمية الأمطار واتجاه الرياح.
المحتويات الأخرى للدخان:
إضافة لما سبق ذكره يحتوي الدخان على عدد من الغازات الضارة بالصحة وبالبيئة. وتنتج هذه الغازات بتركيبات مختلفة حسب مصدرها وظروف تكونها, منها غاز أول أكسيد الكربون وهو غاز سام ينتج عن الاحتراق غير التام للمواد العضوية, وثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت وهما غازان سامان ومسؤولان عن تكون الأمطار الحمضية التي تتسبب في تلف النباتات والمنشآت, كما يحتوي الدخان أيضا على بعض المركبات العضوية المتطايرة والناتجة من الاحتراق غير التام للوقود, وكذلك يحتوي على مواد صلبة معلقة على شكل غبار.
وعندما نعلم بحجم هذه المعاناة وعظم المخاوف البيئية الحالية - والتي عقدت من أجلها المؤتمرات وسنت من أجلها القرارات الدولية - فلا نعجب من ذكر الدخان في القرآن الكريم (ولعله من الموافقة أن الوزن الجزيئي للغاز هو 44 وهذا هو رقم سورة الدخان التي جاء ذكرها في القرآن الكريم) كآية من آيات آخر الزمان وعذاب أليم يقع على أهل تلك الحقبة من الزمان - وهو لم يأت بعد على أرجح الأقوال - ولنا أن نتساءل كيف تكون الحال حينئذ؟ أجارنا الله وإياكم.
قال تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السّمَآءُ بِدُخَانٍ مّبِينٍ ، يَغْشَى النّاسَ هَـَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، رّبّنَا اكْشِفْ عَنّا الْعَذَابَ إِنّا مْؤْمِنُونَ )(الدخان 10-12 ).
لاتنسوا التقيم
في امان الله