أيها الأخوة المؤمنون، أحاول دائماً بفضل الله عز وجل أن أجعل من درس الأحد هذا معالجةً لمعاناة يعانيها المسلمون، والذي يلفت النظر كثرة الأعياد التي يحتفل بها المسلمون، والقضية ليست بسيطةً كما تتوهمون ولكنها قضية انتماء أو عدم انتماء، وقضية ولاء وبراء. فأنا حينما أقيم شعائر الله عز وجل، لكن مضمون حياتي والمناسبات التي احتفل بها، وأنماط السلوك اليومي، وطريقة الاحتفالات بالأفراح، وطريقة الأحزان، وكل علاقات المسلمين مستوردة من الطرف الآخر، هذا يضعف انتماء المسلم لدينه، ويقوي انتماءه لغير دينه، يضعف اعتزاز المسلم بدينه وكأنه يؤمن بدين ويوالي جهة أخرى.
لذلك أردت في هذا الدرس أن أبين حكم الشرع، ليس أحد من المسلمين مهما كبر شأنه مؤهلاً أن نأخذ منه، لكننا نأخذ من الكتاب والسنة، ففي أي موضوع الآراء الشخصية لا قيمة لها إطلاقاً، القيمة الحقيقية للحكم الشرعي، فأنت كائن لك إله عظيم، لهذا الإله العظيم تعليمات الصانع، افعل ولا تفعل، فما علي إلا أن أتبع تعليمات الصانع، لقد أجمع العلماء على أن مشاركة الكفار أو مشاركة الطرف الآخر ـ كلمة الطرف الآخر واضحة عندكم، لا أريد أن أقول عبارات تخدش أحداً، الطرف الآخرـ أجمع العلماء على أن مشاركة الطرف الآخر في أعيادهم هي مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم، وهو إقرار عليها، وهذا قد يؤدي إلى ميل القلب إليهم، إلى موالاتهم، إلى أن تهواهم فمن هوي الكفرة حشر معهم ولا ينفعه عمله شيئاً، والآية الدقيقة الدقيقةُ الواضحة الوَاضحة:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ ﴾
[ سورة الممتحنة: 1 ]
ذلك أن عيد الأمة من أخص خصوصياتها، يدخل في صميم معتقداتها، وفي صميم ثقافتها، وفي صميم أنماط حياتها، فإذا شاركت أمة ليست مسلمةً في أعيادها، وفي أفراحها، وفي أتراحها، وفي عاداتها، وفي تقاليدها، وفي أنماط سلوكها، أنت اتجهت إليها، وواليتها، وأحببتها، وأنت لا تشعر.