الكوالا اسم أحد الحيوانات الأسترالية المشهورة. وتتحرك حيوانات الكوالا ببطء عبر قمم الأشجار قبل الغروب وأثناء الليل، وتنام نهاراً مختبئة بين فروع الأشجار.
ويقال إن كلمة كوالا مشتقة من كلمة لدى الأستراليين الأصليين تعني الحيوان الذى لايشرب. بيد أن الكوالا تشرب في بعض الأوقات وربما حصلت على المزيد من الماء عند تغذيها بالأوراق الندية. وهذه ليست خاصية فريدة للكوالا، فكثير من الحيوانات التي تتغذى بأوراق النباتات العصيريّة تحصل على ما يكفيها من الماء عن طريق الغذاء. وهناك اسم آخر تُعَرف به هذه الحيوانات هو الدب المحلي، إلا أن الكوالا من الحيوانات الجرابية ولاتنتمي للدببة المعروفة في المناطق الأخرى من العالم. أما أقرب أقرباء الكوالا من الجرابيات فهي حيوانات الومبت. فهناك كثير من أوجه التشابه بين هذين الحيوانين، منها فتحة الجراب الخلفية.
تعيش الكوالا في غابات شرق أستراليا وينحصر وجودها بأعداد كبيرة فقط فى أماكن محدودة. وقد تركزت الكوالا أيضًا في أحد المتنزهات العامة فى غرب أستراليا.
الصفات. الكوالا حيوانات بدينة تزن الذكور منها في ولاية فكتوريا حوالي 10كجم، والإناث 8كجم. أما السلالة التى تعيش في كوينزلاند فتزن أقل من ذلك. ويبلغ طول حيوانات الكوالا حوالي 65 إلى 75 سم. والرجلان واليدان في الكوالا متشابهتان في الحجم وملائمتان تماماً لتسلق الأشجار. ويوجد في كل يد إصبعان في مواجهة الأصابع الثلاث الأخر مما يزيد من كفاية اليد في الإمساك. وتستطيع الكوالا التشبث حتى بفروع الأشجار الملساء، وذلك بمخالبها الحادة التي تستخدمها أيضاً في الدفاع عن النفس.
الصغار. تظل الصغار في الجراب البطني للأم لمدة تقرب من ستة شهور، وتتسلق بعدها ظهر الأم وتظل ممتطية إياه في أمان لمدة ستة شُهور أخرى. وفي خلال ثلاثة إلى أربعة أعوام تصل الحيوانات إلى النضج الجنسي ويمكنها التزواج. وقد تعيش الكوالا 20 عامًا.
الغذاء. تتغذى الكوالا عادة بأوراق أشجار الأوكالبتوس المعروفة في أستراليا كأشجار صمغ. وأحياناً تأكل نباتات أخرى مثل: الدبق والأكاسيا الأسترالية، وعلى الرغم من وجود أكثر من 50 نوعاً من أشجار الأوكالبتوس الصالحة غذاء، إلا أن حيوانات الكوالا تفضّل بعضها على بعضها الآخر. وفي جنوب أستراليا، فإن أشجار الغذاء الشائعة هي الصمغ المائي وصمغ المنّ والصمغ القرنفلي. وفي فكتوريا تفضل حيوانات الكوالا صمغ المنّ. وتنمو هذه الأشجار في جميع المناطق التي تعيش فيها الكوالا.. وتحب أيضاً أشجار صمغ المستنقعات وصمغ المرتفعات الرماديّ والبقس طويل الأوراق. وفي نيو ساوث ويلز تفضل الكوالا التغذية على أشجار الصمغ الرمادي وصمغ الغابة الأحمر. أما طعامها المفضّل في كوينزلاند، فأشجار صمغ الغابة الأحمر.
أمراض الكوالا. تموت كثير من الكوالا في الحياة البرية بسبب العدوى البكتيرية. وفي بعض الحالات تسبب البكتيريا التهاب العين المعروف باسم التهاب الملتحمة، الذي يؤدي إلى العمى أحياناً. وفي بعض الحالات الأخرى قد تعاني الكوالا من مرض يعرف للعامة بالسرة المبتلة، وتسببه العدوى البكتيرية للجهاز البولي أو التناسلي. وقد تصاب كثير من إناث الكوالا بالعقم الناتج عن تََحَوُصل المبايض. في الثمانينيات من القرن العشرين، تنبّه العلماء إلى أنّ موت الكوالا يرجع إلى تلك العدوى إلا أن الأبحاث دلت على وجود هذه الأمراض بين حيوانات الكوالا البرية منذ أكثر من مائة عام. ويعتقد بعض العلماء أن المرض ربما دخل إلى أستراليا عن طريق الحيوانات الجديدة التي جلبها المستوطنون البيض معهم. وقد أوضحت الأبحاث أيضاً أن معظم وفيات الأعداد الكبيرة من الكوالا تحدث في فترات عدم كفاية الغذاء. ولحل هذه المشكلة يجب زراعة الأشجار المناسبة بأعداد كبيرة حتى تتمكن الكوالا من التحرك بحرية بين دهاليز هذه الأشجار في كل أنحاء أستراليا.
التوزيع. تعيش الكوالا في مناطق كثيرة من الساحل الشرقي لأستراليا، من شمال كوينزلاند إلى جنوب غرب فكتوريا. وتوجد الكوالا في معظم الجنوب الشرقي لكوينزلاند. أما في نيو ساوث ويلز، فيتركز وجود معظم الكوالا في المناطق الساحلية شمال سيدني. ومن الميناء الغربى في فكتوريا. أخذت السلطات أكثر من 8000 حيوان من حيوانات الكوالا إلى الأرض الأساسية، ثم أطلقت سراحها. وهي الآن تنتشر في معظم أرض فكتوريا. أما تسمانيا فلم تعش فيها حيوانات الكوالا إطلاقاً. والكوالا التي تعيش حالياً في غرب أستراليا استقدمت إلى هناك من مناطق أخرى. وقد دلت بقايا الأحافير التي وجدت في الكهوف في غرب أستراليا على أن الكوالا عاشت هناك في العصور القديمة.
وقد عاشت الكوالا في جنوبي أستراليا حتى أوائل القرن العشرين وربما تكون قد ماتت وانقرضت في تلك المنطقة بحلول عام 1920م. وفي الوقت الحالي تعيش الكوالا المستقدمة في جزيرة الكنغر وعدة جزر أخرى في نهر موراي.
تاريخ الكوالا. قبل مجيء سكان البلاد الأصليين (الأبورجين) كانت الكوالا قد تكاثرت في أستراليا. فقليل من الأعداء كانوا يستطيعون ملاحقتها على الأشجار إلا أن صغار الكوالا كانت تتعرض أحياناً للافتراس، أو القتل من جانب الطيور الجارحة القوية مثل البومة وما يسمى إقوانة الأشجار. وفي بعض الأوقات عندما تسير الكوالا على الأرض لتنتقل من شجرة إلى أخرى، فإنّها تتعرض لبطش الحيوانات المفترسة مثل، نمر تسمانيا الذي انقرض الآن. وبعد قدوم سكان البلاد الأصليين كان على الكوالا أن تقاوم أولئك الصيادين الذين كانوا يتخذون منها طعاماً لهم، ومعهم كلاب الدنجو الصيادة التي كثيراً ما كانت تؤذي الكوالا وهي على الأرض. وقد كُتبت أول تقارير عن الكوالا منذ مدة لاتقل عن عشرة أعوام من قدوم أول مستوطن أوروبي في عام 1788م. وقد سمى المستوطنون البيض الأوائل هذا الحيوان الكسلان.
أما السكان الأصليّون حول سيدني، فقد أطلقوا عليه الكوالا، وهو الاسم الذي أضحى شائع الاستعمال بعد ذلك. وعندما اكتشف المستوطنون البيض أهمية فراء الكوالا قتلوا مئات الآف من هذه الحيوانات في مطلع القرن العشرين. وفي عام 1920م قُتِلَ مليون رأس في كوينزلاند خلال سنة واحدة. وقد أدّت عمليات الصيد المكثف والأمراض والحرائق التي أشعلها المستوطنون البيض إلى تعرض حيوانات الكوالا لخطر الانقراض في معظم المناطق التي توجد بها. فقد اختفت الكوالا من جنوبي أستراليا، وبقيت منها أعداد ضئيلة جدًا في فكتوريا وفي معظم نيو ساوث ويلز. أمّا كوينزلاند فقد ظلت
معقلاً لهذه الحيوانات حتى نهاية العشرينيات من القرن العشرين. ولكن حينما رُفعت عنها
الحماية وتعرضت للقتل من جديد قُتِلَ نصف مليون من حيوانات الكوالا في عام 1928م. وقد اضطرت حكومة كوينزلاند بسبب الغضب الشعبّي العام، إلى فرض الحماية على هذا الحيوان مرة ثانية. ومنذ ذلك الوقت بدأت أعداد الكوالا تزداد بانتظام ولكن بمعدل بطيء.
وقد جمعت السلطات المسؤولة عن الحياة البرية في فكتوريا مجموعات
صغيرة من حيوانات الكوالا وأدخلتها إلى جزر بعيدة عن الشواطئ، حيث تعيش هناك في مأمن من الأعداء جميعهم بما فيهم البشر. ومن ثم فقد تكاثرت الحيوانات وترعرعت في تلك الجزر. وتم نقل أكثر من 8000 رأس من الكوالا من مواطنها في جزيرة فيليب، الجزيرة الفرنسية في خليج الميناء الغربي وإلى الأرض الأساسية حيث أطلقت هناك في الأماكن المناسبة المخصصة لذلك. وقد تم نقل قطعان من الكوالا إلى أكثر من 50 مكاناً بهذه الطريقة. ويعتقد العلماء أن مستقبل حيوانات الكوالا مأمون بسبب السياسات المتبعة للمحافظة عليها.