[size=24]]لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم. المهم هو ما حدث.
وجدتُ نفسي أقود سيّارةً لا أذكر أنّي أمتكلها. يديّ بدتا شاحبتان أمامي وهما على مِقْوَد السيّارة. الشّارع الذي أنا فيه لا أعرفه.. لكنّي أعرفه.
لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم. المهم هو ما حدث.
كلّ شيء بدا متغيّرًا.. وغير متغيّر. أنا أنا لكنّي لستُ أنا الذي أعرفه. يديّ يديّ لكن ليست اليدين التي أعرفها. رفعتُ قدمي من دوّاسة السّيارة ووقفت في جانب الشّارع الأيّام.. هل هذه المدينة .. مدينة الرّياض؟ أين أنا؟ من أنا؟ نعم أنا مشاري. لكن.. ليس الذي أعرفه.
لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم. المهم هو ما حدث.
ما هذا الخاتم الفضّي الذي يكسو بنصر يدي اليسرى؟ رفعتُ عيني محاولاً فهم حقيقة هذا الواقع الذي قُذِفتُ فيه من دون مقدّمات. نظرتُ إلى المرآة ووجدتُّ كرسي طفلٍ على المرتبة الخلفية للسيّارة.. ألعابٌ مقذوفة.. دفتر كوبونات.. فواتير مقذوفة.. أنا لستُ متزوّجًا ما هذه الأشياء؟
لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم. المهم هو ما حدث.
أخذتُ نظرة فاحصة إلى يديّ قبل أن أعيد توجيه مرآة السيّارة لأرى فيها وجهي.. وهنا اجتاح الرّعب كل جسدي.. هذا.. هذا أنا! لكن ما الذي حصل؟ أبدو أكبر ممّا أنا عليه؟! أنا في الثّامنة والعشرين من عمري..لكن هيأتي هيأة رجل أربعيني.
أخذت أتفحّص محيطي. هذا شارع تركي الأوّل. لكنّ المباني تغيّرت، والسّيارات تغيّرت، والهيئات كذلك.. أخذتُ الجريدة المرمية ونظرت إلى التّاريخ... " 14\5\1447هـ"! ! أنا ..في المستقبل..؟
لا تسألوني كيف. أرجوكم..
هلعًا.. أخذت ما يبدو أنّه هاتفٌ متنقّل، وفتحته عبثًا لأتّصل بأمّي. لابُد أنّ لديها الجواب.. بصعوبة وجدت قائمة جهات الاتّصال المفضّلة.. لكن مهلاً .. من هي "الجوهرة"؟ ومن هو "عبدالرحمن" هذا الذي يليها في الأهمية؟ زوجتي؟ إبني؟ ... لكن.. أين أمّي؟
ذهبتُ بعدها إلى قائمة المتّصلين وأخذت أبحث:
"أمّي"..لا شيء..
"حبيبتي" لا شيء..
"Mom" لا شيء.
لا شيء؟... لا شيء..لا شيء؟! هل..؟ لا.. لا يُمكن. غير ممكن!
أَخَذَتْ الدّموع تتسابق على خدّي وأنا أبحث عنها بين أسماء الهاتف... أمواجٌ من الأسئلة تهزّني ولا أعرف لها جوابًا.. كل ما أريد معرفته هو: أين أمّي؟ ولم أجدها. الحقيقة نزلت عليّ كالصّاعقة.. ومع ذلك.. عبثًا استمرّت أصابعي بالبحث..دون جدوى. أمّي ذهبت.
لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم.. المهم هو ما حدث
وكما ولجتُ من غير مقدّمات، وجدتُ نفسي قد عدتُ إلى وقتي، وزماني..هكذا فجأة.. من غير مقدّمات. ها أنا ذا أقود سيّارتي التي أعرفها، في الشارع الذي أعرفه. لا يوجد خاتم على بنصر يدي اليسرى. سيّارتي مرتّبة. وجهي عاد لشبابه..
أخذتُ هاتفي ووجدت اسم أمي في المفضّلة..
لا تسألوني كيف. هذا ليس مهم. المهم هو.. أنّي أريد أن أسمع صوت أمي. وأن أنظر إليها. وأن أشمّ رائحتها..
( مما راق لي .. ) /size]