تتناثر المقالات وتصريحات خبراء الصحة والتغذية دائما، وفي كل مكان، لتؤكد مرارا وتكرارا على أهمية تناول البروكلي كنوع من الخضراوات عظيم الفائدة لصحة الإنسان وغني بالعناصر الغذائية المهمة، وخاصة في مراحل النمو، ومنها بالطبع مرحلة المراهقة.
وبناء على ذلك تظل والدتكِ تلح عليكِ في تناول الخضراوات وتقدمها لكِ في مختلف الوجبات، وخاصة البروكلي، بينما أنتِ تصرخين: "أنا أكره البروكلي، ولا أطيق مذاقه، ولا أحتمل رائحته أو حتى رؤيته!".
ورغم أننا نؤكد تماما على صحة كلام خبراء الصحة والتغذية، ونثق في آرائهم العلمية حول البروكلي - وغيره من الخضراوات - من حيث غناه بالكثير من العناصر الغذائية المفيدة، إلا أننا يجب أن نوضح أنكِ لستِ الوحيدة التي تملك مشاعر سلبية تجاه البروكلي وترفض تناوله، فقد جاء البحث العلمي مؤخرا ليثبت أن هناك سببا وجيها جدا لعدم تقبلكِ أنتِ وغيركِ لطعم ولون ورائحة البروكلي.
من أبرز المشاهير الذين أعلنوا بشكل صريح كراهيتهم للبروكلي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، والذي صرح في عام 1990 قائلا: "أنا لا أحب البروكلي، ولم يحدث يوما أن استسغته أو أحببته منذ أن كنت صغيرا، لأن أمي كانت دائما تجبرني على تناوله. وبعد أن أصبحت رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، أستطيع أن أؤكد لكم أني لن أتناول البروكلي مرة أخرى، ولا يمكن لأحد أن يُكرهني على ذلك!".
لكن ما هو السبب العلمي خلف نفور بعض الناس من طعم ورائحة البروكلي؟
الإجابة تكمن في الجينات كما يؤكد احد أساتذة علم الطعام بجامعة بنسلفانيا الأمريكية، والذي ذكر أن السر يكمن في أحد الجينات، واسمه TAS2R38. وأضاف أن هذا الجين يؤثر على حاسة التذوق لدى بعض الأشخاص، ويجعلهم يشعرون أن مذاقها مر وليس مستساغا، ويحدث ذلك غالبا مع المزروعات ذات اللون الأخضر. ومع وجود مادة أصلا في تكوين البروكلي تمنح مذاقه بعض المرارة الخفيفة، يتعاظم الأمر لدى أولئك الأشخاص، ليصبح مذاقه مكروها تماما بالنسبة لهم، كما أن البروكلي - بالإضافة إلى الكرنب والقرنبيط - يحتوي على مادة أخرى يحدث لها تفاعل كيميائي عند طهيه بالحرارة، فتحول رائحته إلى ما يشبه رائحة البيض الفاسد، وهو ما يزيد من نفور البعض من تناوله بسبب رائحته غير المقبولة، بالإضافة لطعمه الذي لا يستسيغونه أصلا!
وبينما يكمن السبب الأكبر حول إحجام بعض الناس عن تناول البروكلي، والإقبال عليه إلى الجينات أولا ثم الرائحة غير المستساغة ثانيا، يبقى العامل الثالث في هذا الأمر هو طرق الطهي التقليدية المملة التي قد تتبعها الأمهات في معظم الأحيان، والتي تجعل الأبناء يحجمون عن تناول الأطعمة المفيدة لهم في مراحل النمو الفاصلة، كمرحلة المراهقة، فالبروكلي غالبا يتم تقديمه مسلوقا مع المبالغة في طهيه وغليه على النار، وبدون أي تجديد أو ابتكار أو محاولة تقديمه كعنصر تكميلي في أطباق أخرى، وسط مكونات أخرى جذابة تغري الأبناء بتناوله.
لذا فإذا كنتِ لا تواجهين أية مشاكل عند تذوق البروكلي أو شم رائحته، فأنتِ محظوظة، ولا تحملين الجين المتعارض مع البروكلي. أما إذا كنتِ من الأشخاص كارهي البروكلي، فعليكِ مواجهة والدتكِ بذلك بحسم، ومحاولة استبدال البروكلي في وجباتكِ بأي نوع آخر من الخضراوات المفيدة التي تحمل فوائد مماثلة أو مقاربة للبروكلي، أو يمكنكِ ببساطة أن تطلبي من والدتكِ إضافته لطعامكِ بشكل مبتكر، كمكون غير أساسي فيها، يتواجد وسط مكونات أخرى جذابة بالنسبة لكِ، بحيث يمكنكِ تناول الطعام دون الإحساس بطعم أو رائحة غير مقبولة بالنسبة لكِ.