السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك العديد من الأمور النسبيه في حياتنا ولكن ربما يكون محور تركيز الإنسان في كل زمان ومكان هو البحث عن السعاده .. لا يستطيع أحد أن يضع لهذه الكلمه ( السعاده ) تعريف موحد يناسب الجميع فكل شخص ينشدها بشكل مختلف ويراها في جوانب تلمسه وليس بالضروره أن تلمس غيره .. فالواقع انها احساس داخلي يشرق على نفسك وروحك وينعكس على ملامح وجهك وتصرفاتك لترى الدنيا أكثر جمالا ويزداد حبك لمن حولك وتتضاعف قدرتك على العطاء وفرصك للنجاح ..ترى نفس الأشياء التي كنت تراها من قبل فتجدها مختلفه ومتألقه .. وتتألق معها الإبتسامه على وجهك كلحن يعلن إنجلاء شجن القلوب وهموم الحياة ...
ولا نستطيع حصر أسباب السعاده فقد تسعد بالمكان وقد تسعد بالمال وقد تسعد بالبنون وقد تسعد بالصحبه وقد تسعد بإثبات ذاتك ونجاحك .. إلا أنني أعود لنقطه أنها تنبع من داخلنا وبإمكاننا التحكم بها إلى حد كبير فأنت عندما تحصل على شئ تريده تشعر بالسعاده ليس لأنك امتلكت كل ما تريد ولكن لأنك في لحظه نسيت بقية الأشياء التي تحتاج إليها .. فالحياة هنا منحتك خيط السعاده لتتبعه وبإمكانك أن تجعله يطول وتغزل من الخيط نسيج بألوان بهيجه .. أو تقطعه وتقتل الفرحه في لحظه مولدها بالأفكار السلبيه .. وهنا تلعب طبيعة شخصية الإنسان دور كبير ليكون سعيدا أو شقيا ، فالبعض لا يعرف القناعه ولا يرضى بما يملك بل يهوى النظر إلى نصف الكوب الفارغ وإن ملأته له بالمزيد يبقى تركيزه على الجزء المتبقي فلا يروي عطشه أبدا ولا يستمتع بما يملك ويقتل بسخطه كل طموحاته .. والبعض تسيطر عليه الأفكار السلبيه والذكريات المؤلمه ليحيا أسيرا لها وينظر للمستقبل بمنظار قاتم لا مساحة فيه لإختراق النور ..
كلها أساليب تفكير تحكم شخصياتنا وتجعلنا نركض خلف السعاده ونبحث عنها حتى تصبح بين أيدينا فنركلها بأقدامنا ..
أذكر كتابا شهيرا بعنوان ( بالرغم من كل شئ بإمكانك أن تكون سعيدا )
يقول الكاتب : "السعاده هي الحاضر ... هي هذه اللحظه وهذا المكان حيث تعطي عقلك لحظه إسترخاء.. تتذكر كل ما تملك وتستمتع بالسعاده دون أن تعلق أسبابها على أحداث معينه ترتقبها أو تصور محدد لا تحيد عنه .. فكر كيف تكون سعيدا الآن فقط " ..
ولم أتمكن من الإقتناع برؤية الكاتب في مسألة تعطيل العقل .. فشعرت بها ( السعاده البلهاء ) يحتمل أن تنجح في الأحوال البسيطه ولكن اذا اتبعها الإنسان وسيطرت عليه فكرة كيف يكون سعيدا الآن ليتخذ على أساسها قراراته وخياراته بما فيها المصيريه فمن الطبيعي أن تتحول هذه السعاده الوقتيه إلى شقاء ..
ما نتفق عليه جميعا هو أن السعاده غايه وما أراه أنها ليست حدث ولا أشخاص بل هي الإحساس والسر النائم بداخلنا يترقب أن نوقظه بخبر خارجي ... ويتأمل أن يرشدنا أحد إلى طريقه بالإيمان والقناعه والتفاؤل .. بهذا ، وبهذا فقط تتغير نظرتنا للحياه ونتمكن من استقبال مؤشرات السعاده واحتضانها بقوه فالعمر لا يحتمل كل هذا الحزن والحياة لا تستحق كل هذا الهم .. وكل يرى السعاده ويشعر بها بشكل مختلف ...
" من وجهة نظري السعاده هي الإطمئنان وراحة البال فهنيئا لمن يحصل على ذلك .. هنيئا له "