(نيها جوبتا) هي مراهقة تحمل الجنسية الأمريكة وتحيا في ولاية بنسلفانيا، لكنها ذات أصول هندية. منذ سبع سنوات، قامت الطفلة- آنذاك- "نيها" التي تشتهر بين أهلها وأصدقائها بقلبها الرحيم العطوف برحلة حول العالم ألهمتها بتبني قضية خيرية مهمة، ألا وهي مساعدة الأطفال المحتاجين.
ومنذ تاريخ تلك الرحلة في عام 2005، وحتى الآن قامت "نيها جوبتا" التي أصبحت الآن في السادسة عشرة من عمرها بمساعدة آلاف الأطفال من خلال المؤسسة الخيرية التي أسستها هي نفسها باسم " Empower Orphans" أو "امنحوا القوة للأيتام".
كانت البداية عندما تطوعت "نيها" في عمر التاسعة للمساعدة في أحد ملاجيء الأيتام خلال زيارتها لموطنها الأصلي، الهند. وعن هذه التجربة تقول: "عندما عملت كمتطوعة في ملجأ الأيتام، أدركت أنه بدون تعليم عالي المستوى، فإن أطفال الهند يواجههم مستقبل مظلم. وقد أخبرني الأطفال في الملجأ أنهم يتمنون أن يصبحوا شخصيات فاعلة في المجتمع ونافعة لنفسها وغيرها في المستقبل، لكنهم غير قادرين على ذلك، لأنهم لم يحصلوا على فرصة حقيقية لتلقي تعليم لائق. وفي رأيي الشخصي، كل طفل له الحق في التعليم والرعاية الصحية والأهم من ذلك أن له الحق في الأمل".
وبلا شك فإن رؤية فقر ومعاناة هؤلاء الأطفال كفيلة بتمزيق نياط القلوب، لكن "نيها" قررت أنها لن تكتفي بالإشفاق والتعاطف، وألا تتوقف عند مجرد الإحساس بالحزن من أجل هؤلاء الأطفال فهي تريد أن تفعل شيئا حقيقيا من أجلهم.
وتضيف الفتاة: "بدلا من كبت مشاعر التعاطف والحزن بداخلي والاكتفاء برسم ابتسامة على وجهي لأولئك الأطفال الأيتام، قررت العمل على أرض الواقع بتأسسيس منظمة خيرية لا تهدف إلى الربح تحت اسم " Empower Orphans " أو (امنحوا القوة للأيتام)".
وتعمل هذه المنظمة الخيرية على توفير التعليم اللائق والرعاية الصحية للأطفال الأيتام والمساكين حول العالم. وحتى الآن نجحت الفتاة "نيها" عبر مؤسستها الخيرية في جمع أكثر من 500 ألف دولار أمريكي استخدمتها في مساعدة 15 ألف طفل من الأيتام والفقراء. فبهذه الأموال أنشأت المؤسسة مكتبات للأطفال، وتكفلت بمصروفات تعليم 50 طفلا بالكامل، كما أوصلت تبرعات عبارة عن تجهيزات منازل واحتياجات أساسية للعائلات المحتاجة بما يعادل حمولة 45 شاحنة كبيرة، وأدخلت المياه والصرف الصحي لبعض المناطق المحرومة من البنية الأساسية في الهند. باختصار، تقوم هذه المؤسسة الخيرية التي تديرها المراهقة "نيها جوبتا" بتقديم كافة التسهيلات والخدمات التي يمكن أن تساعد الأطفال على النشأة في بيئة تؤهلهم لحياة أفضل في المستقبل.
وقد توجت جهود هذه الفتاة الطيبة هذا العام بعد فوزها بجائزة شرفية في مجال خدمة المجتمع من خلال برنامج سنوي يحفز طلبة المدارس الإعدادية والثانوية على المشاركة الإيجابية في تخفيف معاناة الآخرين في المجتمع، وتعني هذه الجائزة وجود "نيها" ضمن أفضل 10 فتيان وفتيات من المتطوعين في العمل العام على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2012.
وتؤمن "نيها جوبتا" بأن الفتيات يمكنهن أن يحدثن فارقا إيجابيا في العالم من حولهن، كما تؤمن بقدرة فرد واحد على إحداث تغيير إيجابي في حياة الآلاف من الناس وكل ما يستلزمه ذلك هو ألا يكتفي الإنسان بالتعاطف السلبي مع آلام ومعاناة الآخرين، بل يحول هذا التعاطف إلى فعل ملموس على أرض الواقع. وتعبر عن سعادتها الجمة بما اكتشفته في نفسها من قدرة على تحسين أوضاع الآخرين بإسهامات بسيطة، فعلى سبيل المثال، قامت من خلال مؤسستها منذ ثلاث سنوات بالتبرع بماكينات خياطة لبعض الفتيات الهنديات لمساعدتهن على كسب الرزق وإعالة أنفسهن، وعندما زارت الهند مجددا هذا العام، وجدت أن الفتيات قد استخدمن تلك الماكينات في إنشاء مشغل صغير أدر عليهن دخلا طيبا، وساعدهن على تحسين أحوالهن المعيشية. وقد استقبلتها الفتيات بمنتهى الحفاوة، ودعتها إحداهن لزيارة منزلها، حيث لمست "نيها" بنفسها تحسن أحوال أسرة تلك الفتاة وارتفاع مستواها المادي، وارتسام الابتسامة على وجوه جميع من في المنزل بعد أن خفت معاناتهم. وهنا يحق لهذه الفتاة وكل من يفعل مثلها أن يفخر بنفسه، وأن يفخر به كل من يعرفه.