موضوع: مراهقة تتبنى مبادرة للتخلص بأمان من الأدوية منتهية الصلاحية الإثنين أكتوبر 29, 2012 7:15 pm
تبنت الفتاة الأمريكية جوردين سكارا -التي تبلغ من العمر 17 عاما- مبادرة للتخلص بأمان من الأدوية منتهية الصلاحية بعدما توفي أحد الفتيان فجأة في نفس المنطقة التي تعيش فيها. كانت وفاة الفتى في ريعان شبابه حديث الحي كله، فوصلت التفاصيل إلى جوردين التي علمت أنه قد تناول دواء قدمه له أحد الأصدقاء بعد أن اختلسه من خزانة أدوية جدته المسنة، ويبدو أن الدواء كان منتهي الصلاحية. من هنا فكرت الفتاة جوردين - التي تملكها الحزن على رحيل الشاب المماثل لها في العمر بسبب بعض حبات الدواء الفاسدة - في أن المجتمع يحتاج بشدة إلى تعلم ثقافة التخلص بأمان من الأدوية منتهية الصلاحية، وإلى مراجعة تاريخ إنتاج وانتهاء الأدوية التي يتم تخزينها بالمنزل لفترات طويلة قبل تناولها. وبدأت جوردين إجراء بحث شامل حول هذا الموضوع، واكتشفت أن الكثيرين من الناس يتخلصون من الأدوية منتهية الصلاحية أو التي لا حاجة لهم بها، بإلقائها إما في القمامة بعبواتها، فيعاد استخدامها وطرحها بالأسواق عبر شركات دواء غير مسجلة حكوميا، وهو الأمر الذي يضر بصحة العديد من الناس، وإما بإلقائها في التواليت، فتتسبب في انسداد مواسير الصرف الصحي وتفجر مشكلة بيئية أخرى. وهناك فئة أخرى من الناس لا تقوم بمراجعة محتويات خزانة الأدوية الموجودة بالمنزل كل فترة، فتظل في أحد أركانها بعض عبوات الدواء منتهية الصلاحية التي قد يتناولها أحد أفراد الأسرة عن طريق الخطأ ويفقد حياته أو يصاب بمضاعفات صحية خطيرة. بعد الوصول لهذه المعلومات، قررت الفتاة جوردين أن تتبنى هذه القضية، وأن تعلّم الناس كيفية التخلص بأمان وبأسلوب صحيح من الأدوية غير المرغوب فيها، على أن يكون ذلك بشكل سهل وبسيط. لم تنتظر أن يتحمس للأمر أحد الكبار في أسرتها، ولم تقل أن البلد بها حكومة ووزارة صحة عليها أن تقوم بمثل هذه الأمور، بل قررت أن تكون مواطنة فاعلة في مجتمعها، لتساعده على التغير إلى الأفضل، وتضرب المثل لكل من هم في مثل عمرها حتى يدركوا أن جهودهم الصادقة قد تحدث فارقا حقيقيا رغم صغر سنهم. وبالفعل أنشأت الفتاة منظمة خيرية باسم WIP2D2، مهمتها التقليل من الآثار الضارة للأدوية والكيماويات غير المستخدمة أو غير المرغوب فيها، مع نشر الوعي بشأن سوء استخدام الدواء من قبل البعض. وبالفعل لاقت القضية نجاحا، حيث قامت المنظمة بتنظيم فعاليات مختلفة لجمع الأدوية غير المرغوب فيها من المنازل بولاية ويسكنسون الأمريكية التي تعيش فيها الفتاة جوردين، كما وفرت المنظمة صناديق كبيرة مخصصة ليلقي فيها المواطنون أي أدوية ليسوا بحاجة إليها أو انتهت صلاحيتها. وقد اشترك في المنظمة من أهالي الولاية الكثيرون الذين عملوا كمتطوعين لتنفيذ فعاليات جمع الدواء وتوعية المواطنين بالقضية. وتقول جوردين: "لقد نجحت منظمة WIP2D2 حتى الآن في جمع ما يقرب من 273 ألف كجم من الأدوية غير المرغوب فيها، والتي أصبح آلاف من الأطفال والمراهقين بأمان من أضرارها الآن". وبفضل جهودها الخيرية والأثر الطيب الذي أحدثته في مجتمعها، اشتهر اسم المراهقة جوردين سكارا في الأوساط الأمريكية وتم تكريمها هذا العام على مستوى الدولة، ضمن برنامج سنوي يرصد الخدمات الجليلة التي يقدمها بعض طلبة المدارس الإعدادية والثانوية للمجتمع الأمريكي. وبهذا أصبحت جوردين الآن من بين أفضل 10 شباب متطوعين بالولايات المتحدة لعام 2012. وفي نفس الإطار، اختيرت جوردين لتحمل الشعلة الأوليمبية في دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت بلندن في يوليو الماضي. وتقول الفتاة إن هذه النتائج الرائعة التي حققها مشروعها حتى الآن، والمستمر في تحقيق المزيد منها في المستقبل، لم تتحقق بسهولة، بل كان الأمر غاية في الصعوبة في بدايته عندما كانت هي لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها ، حيث رفضت العديد من المنظمات الحكومية رعاية مشروعها، أو تمويله، بدعوى أنها لا تزال صغيرة للغاية، ولا يمكنها تحمل مسئولية مشروع كهذا، وإنجاحه! لكن جوردين لم تيأس انطلاقا من ثقتها بقدراتها وإيمانا بأهمية مشروعها، وظلت تطوف على المكاتب والمؤسسات، إلى أن صادفها مسئول واحد أعجب بحماسها وذكائها، وقرر دعمها. والآن، ألا يتمنى كل منا - كبيرا كان أم صغيرا- أن يحقق ولو نصف ما أنجزته تلك الفتاة الرائعة التي تحمل بداخلها طموحا سيدفعها مستقبلا لتحقيق المزيد والمزيد من الخير للآخرين؟