من قال إن المراهقين مازالوا صغارا ولا يمكنهم إحداث أي فارق إيجابي في مجتمعاتهم؟ إذا كانت هذه الفكرة تسيطر على أذهان البعض، فالأفضل لهم أن يعملوا بجد لتغييرها وأن ينظروا للعالم من حولهم بعين جديدة تثق بقدرات الأجيال الصاعدة، وقد يساعدهم على ذلك أن يتعرفوا على الفتاة الأفريقية اللطيفة التي نراها في الصور المرفقة بهذا المقال، واسمها بروسكوفيا أوروميت.
ولكن من هي بروسكوفيا أوروميت؟
إنها فتاة أوغندية مراهقة تبلغ من العمر 19 عاما فقط، لكنها نجحت مؤخرا في الانتخابات البرلمانية في بلادها لتصبح ممثلة الشعب عن دائرة كبيرة اسمها منطقة أوزوكو، والتي تقع في شمال العاصمة الأوغندية كامبالا.
هذا المقعد البرلماني الذي حصلت عليه المراهقة الأوغندية مؤخرا هو نفسه الذي كان يحتله والدها حتى شهر يوليو الماضي، قبل أن يتوفى فجأة، فما كان من الفتاة الذكية الواثقة من نفسها إلا أن انضمت إلى حزب الأغلبية الذي كان ينتمي له والدها الراحل وترشحت بدلا منه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ونجحت في حصد نجاح أبهر الجميع بلا استثناء، وجعلها تتصدر عناوين الصحف والمواقع الإخبارية على الإنترنت ليس في أوغندا وحدها بل في العالم أجمع، حيث حصلت على ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها أقرب منافسيها وهزمت 7 منافسين آخرين في نفس الدائرة، وجميعهم من البالغين والسياسيين المحنكين.
وقد أرجع بعض المحللين فوز المراهقة الأوغندية بروسكوفيا بمقعد برلماني إلى الشعبية الكبيرة التي يحظى بها حزب الأغلبية الذي تنتمي هي إليه، وهؤلاء هاجموها واتهموها بقلة الخبرة وعدم القدرة على أداء واجباتها كنائبة برلمانية، وأرجعه البعض الآخر إلى تعاطف الناخبين الكبير مع الفتاة بعد وفاة والدها، وإعجابهم بإصرارها على إكمال مسيرته البرلمانية، وهذه الفئة الأخيرة تفاءلت خيرا بحماس الفتاة وذكائها وقدرتها على تعويض نقص الخبرة بسرعة التعلم والمهارات العقلية الكبيرة. ولكن أيا ما كانت الأسباب، فالواقع الآن يقول إن بروسكوفيا - التي مازالت طالبة جامعية - قد أصبحت أصغر مشرعة قوانين في العالم.
المفارقة الطريفة بحق في هذا الأمر هي أن بروسكوفيا نفسها لم تدل بصوتها أبدا في الانتخابات من قبل! ورغم أن الكثيرين يشككون في قدرتها على القيام بمهامها كنائبة برلمانية عن منطقة كبيرة ومهمة تعاني من مشكل كثيرة وصعبة، فإن الفتاة لم تتأثر بكل هذه المخاوف والشكوك، وظلت محتفظة بثقتها في نفسها وفي قدرتها على تمثيل أبناء دائرتها الذين شرفوها بمنحها أصواتهم بالشكل المرضي الذي يحقق طموحاتهم في النائب الذي يتحدث باسمهم داخل قبة البرلمان الأوغندي. وفي تصريحاتها الصحفية، أكدت النائبة البرلمانية بروسكوفيا أن "المهارة والكفاءة لا علاقة لهما بالعمر، ولكن بالذكاء".
وتنوي بروسكوفيا السير على خطى أبيها الراحل، فيما يخص التعهد الكامل والعمل بإخلاص على خدمة دائرتها، وحل المشاكل التي تعاني منها، وستركز مجهودها على قضايا بعينها، مثل شق الطرق الممهدة، ومكافحة سرقة الماشية، وتحسين مستوى التعليم لأبناء المنطقة.
كما تتمنى النائبة المراهقة الطموح أن تصبح مصدر إلهام لكل من هم في مرحلتها السنية من جميع أنحاء العالم حتى يتملكهم الحماس، ويبدأون في البحث بداخلهم عن طاقات وقدرات موجودة بالفعل، لكنها بحاجة لاكتشافها واستخدامها وإثباتها لكل من حولهم... تتمنى لو يعرف كل المراهقين والشباب أن وجودهم وعملهم الجاد والحماسي يمكن بالفعل أن يحدث فارقا كبيرا وإيجابيا في حياة من حولهم... بل في حياة العالم بأسره.
تحية كبيرة ومستحقة لبروسكوفيا ابنة أوغندا، ولعلها تصبح بالفعل مثالا يحتذي به الملايين من المماثلين لها في العمر في وطننا العربي.